
قبل ثلاث سنوات، قادت الولايات المتحدة تحالفًا غربيًا لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، حيث قدمت واشنطن عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات عسكرية واقتصادية. ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تغيرت السياسة الأمريكية جذريًا، إذ أوقف الدعم عن كييف وسعى للتصالح مع موسكو، معتبرًا أن إنهاء الحرب أولوية لتجنب التصعيد مع قوة نووية كبرى.
يؤكد ترامب أن بلاده تكبدت خسائر تجاوزت 300 مليار دولار بسبب الحرب، مشددًا على أن على الحلفاء الأوروبيين تحمّل مزيد من المسؤوليات، بدلًا من الاعتماد على الإنفاق العسكري الأمريكي. هذا التحول صدم الحلفاء وأثار تساؤلات حول مستقبل المعسكر الغربي برمّته.
في الأمم المتحدة، انعكس هذا الانقسام، إذ امتنعت واشنطن عن التصويت على قرار أوروبي يدعم سيادة أوكرانيا، بينما قدمت مشروعًا آخر يدعو لوقف الحرب دون إدانة روسيا، ما دفع بريطانيا وفرنسا للامتناع عن دعمه.
ترامب و”أمريكا أولًا”
خلال حملته الانتخابية، شدد ترامب على ضرورة إنهاء الحرب، متمسكًا بمبدأ “أمريكا أولًا”، الذي يعني تقليل التدخلات الخارجية، وتحمّل الحلفاء مزيدًا من النفقات العسكرية. ويرى أن التصالح مع روسيا والصين يعزز السلام العالمي، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات، وهو ما يثير قلق الدول الأوروبية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يحاول احتواء مواقف ترامب، يأمل في إقناع واشنطن بالاستثمار في أوكرانيا مقابل امتيازات اقتصادية، خصوصًا في قطاع المعادن النادرة. في المقابل، تبحث الدول الأوروبية إمكانية إرسال قوات لحفظ السلام في أوكرانيا إذا تم التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب.
التحالف الغربي تحت الاختبار
يعتبر المراقبون أن هذا التغير في السياسة الأمريكية قد يؤدي إلى إعادة توزيع الأدوار داخل التحالف الغربي، خاصة مع تركيز واشنطن على مواجهة الصين. وإذا انسحبت أمريكا جزئيًا من أوروبا، فسيكون على الدول الأوروبية سد الفراغ، وإلا فإن التنسيق الروسي-الصيني قد يخلق تحديات جديدة.
في ظل هذه التغيرات، يواجه التحالف الغربي أخطر اختبار منذ نهاية الحرب الباردة، فإما أن يتكيف مع نهج ترامب، أو يواجه خطر الانقسام والضعف. وبينما يسعى ترامب لتحقيق السلام من خلال القوة، يبقى السؤال: هل سينجح في إعادة تشكيل النظام العالمي لصالح أمريكا، أم أن سياساته ستقود إلى اضطرابات جديدة؟