انسحاب إسرائيلي محدود من جنوب لبنان.. اختبار للسيادة

انسحاب إسرائيلي محدود من جنوب لبنان.. اختبار للسيادة
شهد جنوب لبنان تطورات متسارعة مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم القرى الحدودية، باستثناء خمس نقاط استراتيجية لم يُحدد موعد انسحابه منها.
ورغم أن هذا الانسحاب يأتي ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، فإن السلطات اللبنانية تؤكد أن أي بقاء إسرائيلي في الجنوب سيُعتبر احتلالًا، مؤكدة ضرورة بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها واحتكارها للسلاح.
انسحاب غير مكتمل وموقف لبناني حازم
أفادت التقارير بأن الجيش اللبناني انتشر في مناطق عدة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل).
واعتبرت الرئاسة اللبنانية أن استمرار الوجود الإسرائيلي في النقاط الخمس المتبقية خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار. وتتماشى هذه الرؤية مع بيان الحكومة اللبنانية، الذي شدد على ضرورة تنفيذ القرار 1701 بالكامل، بما يشمل الانسحاب الإسرائيلي وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
إسرائيل تتمسك بخمس نقاط استراتيجية
يرى محللون أن الحكومة اللبنانية تبدو أكثر انسجامًا مع التوجهات الدولية والعربية الداعية إلى تعزيز دور الدولة اللبنانية وبسط سيادتها. وفي هذا السياق، بدأ الجيش اللبناني توسيع انتشاره في الجنوب، في خطوة تعكس التزام الحكومة بفرض سلطتها، إلا أن التحدي الأساسي يكمن في كيفية إنهاء الوجود الإسرائيلي في النقاط المتبقية.
حزب الله بين السلاح والدور السياسي
إلى جانب الانسحاب الإسرائيلي، يظل ملف سلاح حزب الله من أكثر القضايا تعقيدًا في المشهد اللبناني. فالحكومة، التي تصر على كونها الجهة الوحيدة المسؤولة عن قراري السلم والحرب، تواجه واقع استمرار حزب الله كقوة عسكرية مستقلة.
ويرى مراقبون أن لبنان يواجه مأزقًا بين “إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بنقاط استراتيجية من جهة، وتمسك حزب الله بسلاحه من جهة أخرى”، مما يجعل الجنوب ساحة لصراع يتجاوز الحدود اللبنانية. كما أن المجتمع الدولي قد لا يدعم بشكل كامل الموقف اللبناني في مواجهة إسرائيل دون حل مسألة سلاح حزب الله، في ظل معادلة تفرضها الدول الكبرى تربط بين الانسحاب الإسرائيلي وحصر السلاح بيد الدولة.
المعادلة الجديدة في الجنوب
في ظل هذه التطورات، يبرز سؤال محوري: هل يشكل الانسحاب الإسرائيلي الجزئي مقدمةً لمرحلة جديدة تفرض على الدولة اللبنانية مواجهة استحقاق احتكار السلاح، أم أن المعادلة الحالية ستبقى على حالها، مع توازن غير مستقر بين الجيش اللبناني وحزب الله؟
يرى بعض الخبراء أن التقنيات العسكرية الحديثة، مثل الطائرات المسيّرة، غيرت مفهوم السيطرة على الأرض، مما يعني أن الاحتفاظ بنقاط استراتيجية لم يعد كافيًا لضمان الأمن الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن استمرار التوتر في الجنوب، سواء بسبب الوجود الإسرائيلي أو تحركات حزب الله، قد يجعل أي استقرار مستدامًا أمرًا صعب التحقيق.
لبنان أمام اختبار السيادة
انسحاب إسرائيل المحدود من جنوب لبنان يضع الدولة اللبنانية أمام اختبار حقيقي لفرض سيادتها. فبينما تطالب بيروت بانسحاب كامل، تبقى مسألة سلاح حزب الله عقبة أساسية أمام تحقيق سيادة مطلقة.
في ظل هذه الظروف، يبقى التحدي الرئيسي هو كيفية الموازنة بين الالتزامات الدولية والمصالح الوطنية، دون أن يتحول الجنوب اللبناني إلى ساحة صراع مفتوحة.