ماذا تفعل بأموالك إذا كنت قلقًا بشأن السوق؟
عندما تكون الأسواق المالية مضطربة ويصبح من الصعب التنبؤ بمستقبلها، قد يشعر المستثمرون بالقلق بشأن كيفية إدارة أموالهم. تتسم فترات عدم اليقين الاقتصادي بتقلبات حادة، وقد يؤدي القلق إلى اتخاذ قرارات عاطفية قد تضر بالأداء المالي على المدى البعيد. ومع ذلك، هناك استراتيجيات يمكن اعتمادها لمواجهة هذه الفترة بفعالية.
تراجعات الأسواق العالمية، مثل تلك التي حدثت يوم الاثنين الماضي، كافية لجعل حتى أكثر المستثمرين هدوءاً يشعرون بالقلق بشأن أموالهم.
تراجعات وول ستريت
في وول ستريت، انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 1000 نقطة يوم الاثنين 5 أغسطس، مما أثار قلق المستثمرين بعد عدة أشهر من الهدوء النسبي. كما قاد بعض أكبر الفائزين هذا العام الانخفاضات في الأسهم، حيث كانت إنفيديا وأمازون وشركات التكنولوجيا الأخرى من بين الخاسرين في هذا اليوم الحافل بـ “اللون الأحمر”.
“مثل هذا الانخفاض واسع النطاق يجعل النصيحة المعتادة من مدير محفظتك ومستشارك المالي – لا تفعل شيئًا على الإطلاق – غير مرضية على الإطلاق”، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، مشيرًا إلى صعوبة تلك النصيحة.
أسباب القلق الاقتصادي
هناك أسباب للقلق بشأن الاقتصاد، بما في ذلك سوق العمل التي تظهر علامات على التباطؤ، والإنفاق الاستهلاكي البطيء، وعدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد. مع ذلك، ينصح التقرير بأن يضع المستثمر في اعتباره أن المحافظ الاستثمارية مهيأة بشكل مثالي لتجاوز الصعود والهبوط، وبالتالي من الأفضل الالتزام بخطة بدلاً من التصرف باندفاع.
ونقل التقرير عن المستشار المالي في لوس أنجلوس، نوح دامسكي، قوله: “إذا كنت تقوم بالتعديل بناءً على انحدار اليوم، فأنت تفعل كل شيء بشكل خاطئ”.
تنويع المحفظة
تقول الخبيرة الاقتصادية، عضو مجلس إدارة شركة الحرية للأوراق المالية، الدكتورة حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- تنويع الاستثمارات: تختلف ثقافة المستثمرين وفقًا لعدد من المعايير، في مقدمتها درجة تحمل المخاطر وطبيعة المتعاملين. أنسب الخيارات للتعامل مع التطورات الأخيرة التي يشهدها العالم والظروف الجيوسياسية وتطوراتها اليومية، تتمثل في العمل على تنويع الاستثمارات وعدم اقتصارها على الأدوات عالية المخاطر فقط، مثل الاستثمار في الذهب والشهادات الادخارية وغيرها من البدائل الاستثمارية، بما في ذلك الأدوات التي يمكن أن تسهم في توفير سيولة بصورة مستمرة.
- استثمار الفائض: من أبرز النصائح خلال مرحلة عدم اليقين الاقتصادي: الاستثمار والشراء بالفائض من السيولة. مع ضرورة الوعي بقنوات الاستثمار بصفة عامة، وأنها تحتمل فرص الصعود والهبوط في بعض الفترات.
وتوضح أنه خلال فترات الصعود في الأوعية الاستثمارية المستهدفة، يتعين تخفيف المراكز مع ارتفاعها عن القيمة التي تم الشراء بها، أما في حالة الهبوط هناك خياران؛ الأول البيع والثاني الانتظار لحين حدوث ارتدادة عكسية، وشراء نفس الكمية من الأصول مع هبوط أسعارها، أو الاستمرار دون اتخاذ قرار لوجود مستوى محدد لعمليات الهبوط.
الأمان المالي
في السياق، يشير تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أنه مع انهيار سوق الأوراق المالية، يبحث المستثمرون عن الأمان وطرق توليد الدخل.
وقد دفع الانخفاض في عائدات سندات الخزانة كولين مارتن، استراتيجي الدخل الثابت في مركز شواب للأبحاث المالية، إلى تغيير نظرته. فقد كان يوصي المستثمرين بتمديد مدة السندات المتوسطة عالية الجودة تدريجياً. ورغم أن هذه الأصول لا تزال قادرة على لعب دور في المحفظة ــ وقد تكون هناك فرص إذا ارتفعت العائدات ــ فإنها لم تعد جذابة كما كانت في السابق، على حد قوله. وقال إن السندات الاستثمارية للشركات تشكل فرصة محتملة.
وأشار مارتن إلى أنه “قد يكون هناك بعض التقلبات هنا وهناك، وخاصة إذا تباطأ النمو، لكننا نعتقد أن الجانب السلبي المحتمل محدود نسبيا”.
ويعتقد المخطط المالي المعتمد باري جلاسمان بأنه ينبغي على المستثمرين الاستثمار في بعض السندات ذات المدة الأطول قليلا، مضيفاً: “إذا استمر هذا المسار، فقد لا نرى هذه العائدات مرة أخرى لبعض الوقت”.
الذهب والأزمات
من جانبه، يؤكد مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الظروف الاقتصادية العالمية وترقب الانتخابات الرئاسية الأميركية والتوترات الجيوسياسية، جميعها عوامل خلقت حالة من عدم الوضوح التام أمام المستثمرين. ويضيف: “في ضوء اتفاق الخبراء كافة على أن البنوك المركزية من الضروري أن تتخلى عن سياسات التشديد النقدي لتسببها في دخول العالم مرحلة من الركود، يتعين على المستثمرين وضع مجموعة من المعايير قبل اتخاذ أي قرار استثماري، تتضمن حدود الاستثمار المتاح ومراقبة السوق”.
- الاستثمار في الذهب: من الضروري الانتظار ومراقبة السوق، مع عدم اتخاذ أي من خطوات المخاطرة بدون الاعتماد على دراسات جدوى متضمنة نتائج واضحة لأبعاد القرار. في الفترة الحالية يجب توجيه جانب وفائض من السيولة نحو الاستثمار في الذهب والذي يعد أفضل البدائل الاستثمارية في مثل هذه الفترات التي تشهد أزمات وتوترات مختلفة.
استراتيجيات في فترات عدم اليقين
وثمة مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها في فترات عدم اليقين أو الاضطرابات، من بينها:
- تنويع المحفظة: من المهم أن تكون لدى المتعاملين خطة استثمار واضحة ومتنوعة. التنويع هو أحد الأسس الرئيسية للاستثمار الحكيم. عوضًا عن التركيز على نوع واحد من الأصول، مثل الأسهم أو العقارات، يتعين توزيع الاستثمارات على مجموعة متنوعة من الأصول، مما يساهم في تقليل المخاطر.
- صندوق طوارئ: التأكد من وجود “صندوق طوارئ كافٍ”، على اعتبار أنه في أوقات عدم اليقين، قد يواجه الأفراد صعوبات غير متوقعة تؤثر على قدرتهم على تحمل المخاطر.
- الاستثمار في الأصول المستقرة: التركيز على الأصول ذات الاستقرار النسبي، مثل السندات الحكومية أو الصناديق المشتركة ذات الجودة العالية. بينما قد لا تحقق هذه الأصول عوائد مرتفعة، إلا أنها توفر حماية إضافية ضد التقلبات الكبيرة في السوق.
الاستثمار طويل الأجل
من الضروري اتباع استراتيجية الاستثمار الطويل الأجل، حيث قد يكون تحرك الأسواق سريعًا ومتقلبًا، لكن التاريخ يظهر أن الأسواق تتعافى على المدى الطويل. وبالتالي، فإن الحفاظ على استثماراتك وعدم التسرع في البيع خلال فترات الاضطراب قد يكون له فوائد كبيرة عندما تستعيد الأسواق استقرارها.